-->
حاتم أحمد الأطرش: الشكل الأمثل للحكومة القادمة

اعلان 780-90

حاتم أحمد الأطرش: الشكل الأمثل للحكومة القادمة



أقرأ كثيراً هذه الأيام عن تصورات للحكومة المرتقبة وكأن حكومة زيدان شارفت عڵـى السقوط. شخصياً لا أعتقد أن زيدان سيستقيل ولا المؤتمر لديه الرغبة في تكرار تجربة اختيار رئيس وزراء جديدة. ما سيحدث هوبالكاد دمج لبعض الوزارات وتغير شخص أوإثنين ترضيةً للشارع وكسباً للوقت. كل المؤشرات لدي توحي بأنهم لا يدركون حجم المشاكل ولا يدركون أن تغيراً جذرياً يجب أن يحصل في أشخاص وصلاحيات وأسلوب عمل المؤتمر والحكومة.



سأخصص مقالي هذا لشكل الحكومة المرجوة والصفات العامة المطلوبة في الوزراء. ولكني سأبداء بالمواصفات العامة الغير مرغوبة.



أولاً حكومة تكنوقراط: وهم أناس فنيين متخصصين في مجالاتهم وأصحاب خبرة فيها. ليس لديهم انتمآت سياسية حزبية معلنة. هؤلاء عادةً ما يكونوا أشخاص قادرين عڵـى تسيير مؤسسات أوحتى وزارات بإمكانياتها المتوفرة بأكبر قدر من الكفاءة أي أكبر مردود بأقل تكاليف. هم أناس قادرين عڵـى التعرف عڵـى المخاطر وتجنبها وهذا ما يجعلهم –بنظري- الأقل نجاحاً في ظرف بلادنا الحالي أولنقل الأقل تفضيلاً بالنسبة لي لتولي وزارات الحكومة في الوقت الراهن لأنهم وكما ذكرت يبتعدون فطرياً عن المخاطر. نحن قمنا بالثورة من أجل التغير والتغير ينطوى عڵـى مخاطر. التغير ينقلك من النظام القائم المجرب والمعلوم إڵـى تجربة الجديد المجهول وهوالأمر الذي يقاومه التكنوقراط بشكل تلقائي.



ثانياً الحكومة الحزبية: وأعتقد أنها ستكون فاشلة لثلاث أسباب جوهرية



1- سخط الشارع عڵـى الأحزاب وانعدام تجربة العمل الحزبي في ليبيا.



2- الأحزاب اڵـتي وصلت للمؤتمر الوطني والمرجح أن تتولى المناصب ليس لديها برنامج [software] عمل ولا أهداف ولا رأى للحلول المطلوبة. كل ما نشرته تلك الأحزاب عن برامج عمل لا يعدوا صياغة لآمال أوبعض خطوات لحل مشاكل متفرقة. ولكن خطة متكاملة لقطاعات الحياة المختلفة لم تنضج بعد.



3- لم يتمكن أي من الأحزاب من تحقيق أغلبية في المؤتمر تسمح له بفرض سياساته ولا أتوقع من قطبي الأحزاب (التحالف والعدالة والبناء) أن يتفقوا عڵـى حكومة إئتلافية



ثالثاً حكومة قبلية: أي حكومة محاصصة جهوية وقبلية ولن تنجح حكومة مبنية عڵـى أساس قبلي لأنها وبمجرد تشكيلها ستفتح عڵـى نفسها النار من قبل من لم يتحصل عڵـى وزارات وسيكون عملها عڵـى أساس قبلي نفعي وأهدافها جهوية بامتياز.



انتقادي لأنماط الحكومات سالفة الذكر لا يعني مطلقاً أن لا يكون في الحكومة المرتقبة تكنوقراط أوحزبيين أوقبليين ولكن يجب أن لا تكون أيُ من تلك الصفات سمة عامة للحكومة.



كان هذا الجزء الأسهل من المقال وهوتعريف ما لا نريد. الآن إڵـى الجزء الأصعب وهوماذا نريد.



قبل القفز عڵـى عدد الوزارات 8 أو10 أو30 وقبل وصف الحكومة بحكومة أزمة أوتصريف أعمال علينا تصنيف المشاكل اڵـتي تعيشها البلاد اليوم وهنا سأصنف المشاكل عڵـى بعدين. الأهمية والاستعجال. لا شك أن كل شيء مهم وفي ليبيا [libya] بالذات كل شيء مستعجل ولكن علينا أن نعترف أن بعض القضايا أهم من غيرها والأخرى بحاجة لحلول فورية أكثر من غيرها. فإذا صنفنا المشاكل عڵـى أنها مهمة ومهمة جداً ومستعجلة ومستعجلة جداً نستطيع تقسيم المشاكل إڵـى أربع مجموعات



1- مهمة جداً ومستعجلة جداً

2- مهمة جداً ومستعجلة

3- مهمة ومستعجلة جداً

4- مهمة ومستعجلة



كان بودي أن أقول غير مهمة وغير مستعجلة ولكني أعلم أن من يعمل في تلك القطاعات أويعاني من تلك المشاكل لن يتقبل كلامي مطلقاً إن فعلت ذلك. ولهذا استخدمت توصيف أكثر دبلوماسية.



الآن علينا توزيع مختلف القطاعات أوالوزارات المعهودة عڵـى هذه التصنيفات وبالتأكيد سنختلف. للتخفيف من الاختلافات سأضع تعريفاً لما أقصد به مهم ومستعجل.

المهم هوالقطاع أوالوزارة اڵـتي يترتب عڵـى تعثر آدائها تبعات وتكاليف باهضة أوتحقق مكاسب كبيرة في حال ما حققت نجاحاً.



المستعجل هي القطاعات أوالوزارات اڵـتي يتغير مردود الحل حسب سرعة تطبيقه. الأمثلة ستوضح المقصود.



لا أعتقد أننا سنختلف إن صنفنا الداخلية والدفاع والخارجية والمالية عڵـى أنها مهمة جداً ومستعجلة جداً لأنها جميعها بحاجة لحلول فورية  وخطورتها وما قد يترتب عڵـى عدم تطبيق سياسات رشيدة في هذه القطاعات يجعلها تكتسب تصنيف مهم جداً بسهولة. كل يوم نتأخر فيه في تطبيق تلك الحلول يولد لنا مشاكل جديدة ويعقد لنا المشاكل القديمة لذلك تحتاج هذه القطاعات لسرعة في الحل.



المشاكل اڵـتي يعانيها المواطن في الكهرباء والاتصالات والمواصلات والمرافق هي منغصات يومية كثيرة. ليست بأهمية الدفاع والأمن ولكنها بحاجة لحلول فورية ولهذا صنفتها عڵـى أنها مهمة ولكن مستعجلة جداً



قطاعات مثل التعليم والصحة والصناعة والاقتصاد والنفط هي قطاعات مهمة جداً ولكنها تحتاج لحلول مدروسة بعناية وسياسات تطبق عڵـى مدي طويل ولذلك صنفتها مهمة جداً ومستعجلة



المجموعة الأخيرة تشمل القطاعات المصنفه "مهمة ومستعجلة" والحقيقة هي أني أقصد غير مهمة وغير مستعجلة وهي تشمل وزارات مثل وزارة الرياضة والشباب والطفل والمرأة والشؤون الاجتماعية والثقافة. وأعتذر سلفاً لكل من سيجرحه كلامي هذا ولكنها قناعاتي لهذه المرحلة.



ماذا سنفعل بهذه التصنيفات؟



كل مجموعة من الوزارات يجب أن يخصص لها رئيس الوزراء ضمن ديوانه وكيل مساعد لزئاسة الوزراء أي أن رئيس الوزراء يجب أن يكون له وكيل وأربع وكلاء مساعدين كلُ منهم ينسق مع مجموعة من الوزراء.



الأمر الثاني الذي ينتج عن هذا التصنيف هوتحديد سمات وصفات المرشحين لشغل منصب وزير حسب تصنيف الوزارة. فالمجموعة الأولى من الوزارات (مهمة جداً ومستعجلة جداً) تحتاج لأناس حركيين ولديهم رغبة وقدرة عڵـى إحداث تغير عميق وسريع في تلك الوزارات. يجب أن تكون لهم رؤية خاصة بهم ويرغبون في تحقيقها. حساسية تلك الوزارات تجعل من احتمال الفشل والسقوط كبيرة وعواقب السقوط وخيمة لذلك يتوجب ترشيح أناس لا يخشون السقوط لكونهم مجهزون أصلاً بمنظومة حماية شخصية كقبيلة كبيره أوحزب فاعل أوميليشيا قوية. لواخترنى مستقلين لا يتمتعون بحماية سيجبنون أمام التحديات لأنهم يعلمون أن الدولة ستعجز عن حمايتهم.



المجموعة الثانية هي مجموعة مهم جداً ولكن أقل استعجالاً. هنا يمكن أن يكون للتكنوقراط مكان. بشرط أن تكون لهم رغبة في التغيير. هذة الوزارات تتعامل مع موضوعات ذات أثر عميق في المجتمع وتكلفة تسيرها عالية وتكلفة الأخطاء عالية. في الغالب ما تقدمه هذه الوزارات ليس صفراً وبالتالي علينا المحافظة عڵـى ما هوموجود وتطويره. البعد عن الحزبيين في هذه الوزارات مطلوب خصوصاً في المرحلة الحالية. الشخصيات المطلوبة هي شخصيات تصالحية قادرة عڵـى تسيير حوار متعدد الأطراف وقادرة عڵـى إحتواء وجهات نظر مختلفة. تتحرك ببطء ولكن بخطى ثابتة.



المجموعة الثالثة وهي القطاعات المصنفة أقل أهمية ولكن مستعجلة تحتاج لأسلوب عمل مختلف وهوالأسلوب اللامركزي المتطرف. أقترح هنا أن يكون هناك وزير واحد لكل تلك القطاعات يسمى وزير الخدمات مثلاً. وضيفته التنسيق بين الوزراء المحليين وضمان وتقديم الدعم لهم. وزير يؤمن بأن خادم القوم سيدهم وأن نجاح الوزارات المحلية هونجاحه وليس تطبيق رؤيته للكهرباء أوالمواصلات أوالمرافق أوغيرها.



هذا يستدعي بالطبع استحداث تلك الوزارات المحلية وإعطاؤها ميزانياتها والحرية المطلوبة للحركووجهاز رقابي قادر عڵـى العمل بهكذا أسلوب. وسلطات تشريعية محلية قادرة ومخولة لرسم سياسات ومراقبة التنفيذ.



وأخيراً نأتي للوزارات الأقل أهمية وأقل استعجال. والتي لم أعرها شخصياً اهتمام كبير من حيث مواصفات وزرائها ولكني أعتقد أن وجودها مفيد أكثر من كونه مضر وذلك للأسباب التالية:



- الكادر الوظيفي موجود أصلاً ويقدم بعض الخدمات. إغلاق تلك الوزارات سيسبب مشاكل نحن في غنى عنها



- بالإمكان استغلال تلك الوزارات لإحداث توازنات عرقية وجهوية وقبلية لإرضاء ثلك الفئات من المجتمع اڵـتي قد تشعر بالإقصاء نتيجة استخدام معايير صارمة لاختيار الوزراء في الوزارات الأخرى



- بالإمكان ترشيح وزراء من الشباب والنساء ليس فقط لتحسين صورة الحكومة داخلياً وخارجياً ولكن أيضاً من باب إعداد بعض الكوادر ممن نتوسم فيهم القدرة مستقبلاً لتولي وزارات أكثر أهمية



- سنحتاج لهذه الوزارات لاحقاً عڵـى أي حال وسنحتاج لبناء كادرها وديوانها وأرشيفها. لذلك أرى من العبث تدمير ما سنحتاج له في المستقبل.



بهذا التصور تتكون لدينا حكومة متكونة من أربع أجزاء تستطيع التعامل مع المشاكل المختلفة بالطرق المناسبة ويستطيع رئيس الحكومة توزيع وقته وجهده الشخصي وجهد ديوانه بشكل أكثر فعالية.



كتبت هذه السطور وأنا لا أملك أي مؤشر عڵـى رغبة من هم في السلطة لسماع النصح أوإحداث تغيير وأستبعد تماماً أن يعملوا بما جاء في مقلي هذا حتى وإن كان صواباً.



إن لم يعملوا به ولن يعملوا به أرجوا أن لا يكون ذلك سبباً في المزيد من الانهيار في الدولة. عندها سأتقدم به لمجلس برقة علهم يعتمدون عليه في تشكيل حكومة برقة…



ولماذا الانتظار؟ ربما علينا العمل عڵـى تجهيز أنفسنا للانهيار المحتمل قبل حدوثه.



حاتم أحمد الأطرش

31 يوليو2013


 




حاتم أحمد الأطرش: الشكل الأمثل للحكومة القادمة

مواضيع ذات صلة

لا توجد مواضيع أخرى في هذه الفئة.
فتح التعليقات
إغلاق التعليقات

0 الرد على "حاتم أحمد الأطرش: الشكل الأمثل للحكومة القادمة"

إرسال تعليق

اعلان اعلى المواضيع

اعلان وسط المواضيع 1

اعلان وسط المواضيع 2

header ads

اعلان اسفل المواضيع