ليبيا: حكومة زيدان والمفتي يحذران من الاعتداء على الشرعية في «جمعة إنقاذ بنغازي»

 سعت الحكومة الانتقالية في ليبيا التي يترأسها الدكتور علي زيدان إلى إجهاض مظاهرات حاشدة سيتم تنظيمها اليوم (الجمعة) في مدينة بنغازي بشرق البلاد تحت عنوان «جمعة إنقاذ بنغازي»، حيث هددت الحكومة أمس للمرة الأولى منذ تشكيلها الشهر الماضي، بأنها ستقوم بما يلزم لمنع الإضرار بليبيا وأمنها واستقرارها. وردت حكومة زيدان بعنف على ما وصفته بمحاولات بعض العناصر إرباك عمل الحكومة ومؤسسات الدولة بطريقة غير مسؤولة وبطلبات غير واقعية أو لمجرد الضغط، تتمثل في إيقاف عمل المرافق وقطع الطرق واقتحام المباني والسيطرة عليها ورفض تسليمها، والتسبب في خسائر جسيمة للدولة ومكتسبات الثورة. وقالت الحكومة الليبية في بيان تلاه الدكتور عوض البرعصي، نائب زيدان في مؤتمر صحافي عقده أمس في طرابلس، إن هذه الأعمال التي اعتبرتها غير مسؤولة، شملت قطاعات النفط والمواصلات وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى، وامتدت لتكون محاولات ابتزاز واعتداء على الدولة وبما يتجاوز حق الإضراب والاعتصام. وبعدما أعلنت حكومة زيدان أنها لن تستجيب لأي ابتزاز بحكم مسؤوليتها، فإنها ناشدت الشعب ومنظمات المجتمع المدني ليعلنوا عن وقوفهم في وجه أي محاولات لتعطيل عمل الحكومة أو الإساءة إلى ليبيا ومستقبلها، مؤكدة أنها ستقوم بحماية المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة الليبية من محاولات التخريب بحكم مسؤوليتها ولن تتهاون في ذلك. وأضاف البيان: «مع الاحترام الكامل للحقوق الدستورية والقانونية للمواطنين، ستتم إحالة أي مخالفات أو جرائم ترتكبها تلك العناصر إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية». وبعد ساعات قليلة من هذا البيان المفاجئ، خرج الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا في كلمة تلفزيونية بثها التلفزيون الرسمي أكثر من مرة، ليطالب الشعب الليبي بعدم المشاركة في أي مظاهرات تدعو إليها منشورات مجهولة المصدر يتم توزيعها ولا تحمل أي توقيعات، محذرا من حمل السلاح أو الاعتداء على الشرعية والديمقراطية، مطالبا الليبيين بتجنب الفتنة. وقال المفتي إنه ينصح سكان بنغازي بعدم الخروج في المظاهرات اليوم، لافتا إلى ما وصفه بالاحتقان والتوتر الذي يسود المدينة. وجاء البيان المفاجئ للحكومة والكلمة التلفزيونية للمفتي قبل ساعات من مظاهرات يتوقع أن تشهدها اليوم مدينة بنغازي للمطالبة بتعليق عضوية أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) عنها واستبعاد المتورطين في الجيش والشرطة في قتل الليبيين، وحل جميع كتائب الثوار وانضمامهم إلى مؤسسات الدولة كأفراد. كما يطالب المنظمون لهذه المظاهرة بالكشف عن ملابسات العمليات الإرهابية والاغتيالات التي شهدتها المدينة مؤخرا، وسحب الملف الأمني من مجلسها المحلي وتسليمه إلى جهات مختصة، بالإضافة إلى وقف التعذيب في السجون الليبية. وعلى الرغم من أن بنغازي، التي تعتبر ثاني كبريات المدن الليبية، مثلت شرارة الانتفاضة للشعبية العام الماضي ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، فإن بعض السكان يعترضون على الطريقة التي آلت إليها لاحقا الأمور ويتحدثون عن تهميش المدينة وإقصائها عن عملية صنع القرار السياسي في البلاد. وقال ناشط سياسي في المدينة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف مشترطا عدم تعريفه: «الشعب مل من الكتائب. نريد جيشا وشرطة مثل أي دولة في العالم، لا كتائب ولا سرايا، فقط نريد جيشا موحد الراية». وتابع: «من هنا (بنغازي) قامت الثورة، لكن الدولة الآن تدار من العاصمة طرابلس وكأنها وحدها من قامت بالثورة في وجه الطاغية القذافي». وتخشى السلطات الليبية من تكرار السيناريو الذي حدث في سبتمبر (أيلول) الماضي عندما سقط أربعة قتلى وأصيب أكثر من سبعين شخصا خلال عمليات اقتحام متظاهرين لمقرات تشكيلات مسلحة بالمدينة عقب مظاهرة حاشدة للمطالبة بحل الكتائب والتشكيلات المسلحة وتفعيل دور الشرطة والجيش الوطني. واضطرت كتائب مسلحة مثل «راف الله السحاتي» و«أنصار الشريعة» إلى إخلاء مقراتها التي تسلمتها قوات الجيش الليبي لاحقا، علما بأن الدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام، عبر رسميا آنذاك، عن ارتياحه لرد فعل السكان على الكتائب الخارجة عن الشرعية. لكن عاشور شوايل، وزير الداخلية الليبي، أكد أمس عقب لقائه في طرابلس محمود أبو رزيزة، رئيس المجلس المحلي لبنغازي، أن الاعتصامات السلمية هي من حقوق التعبير، شريطة ألا تؤدي إلى أعمال شغب أو تخريب وتستغل من البعض للإضرار بالمصلحة العامة. ولفت إلى استقرار الأوضاع الأمنية في المدينة، داعيا كافة الأطراف لضبط النفس وفتح باب الحوار وتحمل مسؤولياتهم تجاه بناء دولة القانون والمؤسسات، كما كشف النقاب عن وضع وزارته خطة مشتركة مع رئاسة الأركان العامة تتعلق بتحديد الكتائب التابعة للجيش الليبي، معتبرا أن باقي الكتائب غير المنضوية تحت هاتين المؤسستين «غير شرعية». كما كشف وزير الداخلية الليبي النقاب للمرة الأولى عن حوارات ونقاشات تجرى مع قيادات أنصار الشريعة في بنغازي، مؤكدا أنها كانت مثمرة وهادفة وتم فيها تبادل وجهات النظر والاتفاق على كثير من النقاط. ولفت شوايل إلى البدء في تنفيذ خطة للمجاهرة بالأمن في العاصمة طرابلس لبسط الأمن وضبط المخالفين للقانون وإحالتهم للجهات القضائية، موجها الدعوة مجددا إلى عناصر اللجان الأمنية بكافة المناطق للانضمام لهيئة الشرطة لتأمين المدن الليبية. من جهة أخرى، تم أمس الإعلان عن فرض منع التجول للمواطنين والسيارات بعد الساعة الثانية عشرة ليلا داخل مدينة سرت مسقط رأس القذافي وأحد آخر معاقله التي سقطت في يد الثوار خلال انتفاضة العام الماضي. وقالت وكالة الأنباء الحكومية، إنه تم تشكيل غرفة عمليات أمنية مشتركة لبسط الأمن وحماية المواطن في المدينة التي عانت مؤخرا من عمليات اغتيال نفذها مجهولون خارجون عن القانون وانتشار الخمور والمخدرات والهجرة غير الشرعية. وقال فوزي أبو زيد، رئيس مجلس سرت، إن إغلاق عدد من المحلات التجارية والمؤسسات التعليمية والخدمية وطرق وشوارع المدينة لليوم الثالث على التوالي في اعتصام مفتوح، جاء نتيجة لعدم تلبية مطالب المحتجين بضرورة تفعيل الأجهزة الأمنية داخل المدينة والتحقيق في كشف ملابسات مقتل عدد من شباب المجلس على أيدي مجهولين. من جهة أخرى، تعرض المستشار محمد النعاس، المحامي العام بدائرة محكمة استئناف درنة لاعتداء من قبل مجموعة مسلحة، أسفر عن سرقة سيارته وتهديده بالقتل. وقال المستشار عبد العزيز مصطفى، رئيس المحكمة في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن المستشار النعاس الذي تم تعيينه حديثا، تعرض لاعتداء وسرقت سيارته بالإكراه وتم تهديده بالقتل إن استمر في مهام وظيفته.

»