اللّيبيّون في تونس: سيّاح ومرضى وأصحاب أعمال وفارّون


تونس – ليبيا [libya] المستقبل – خليفة علي حدّاد: أضحت تونـس [Tunisia] منذ الثورة الليبية المقصد الرئيسي لليبيين رغم فترات المد والجزر اڵـتي عرفتها الأوضاع عڵـى الحدود وفي المعابر.. معبران حدوديان برّيان وخطوط طيران بين مختلف المدن وأخرى للنقل البحري.. الآلاف يعبرون كل يوم في الاتّجاهين..



كانت الثورة التونسية، ثم الثورة الليبية علامة تحولات كبيرة شهدها المسرح السياسي والاجتماعي في البلدين.. بعد سنتين من انطلاق الأحداث اڵـتي غيرت وجه المنطقة، تتمتع تونـس [Tunisia] باستقرار أمني نسبي رغم التجاذبات السياسية والمواجهات اڵـتي تحدث بين فينة وأخرى، فيما يبدو المسار في ليبيا [libya] أكثر تعثرا لأسباب عديدة عڵـى رأسها الانتشار الكثيف للسلاح الذي أضعف سلطة الدولة والأجهزة الرسمية.. في هذا الخضم وجد ليبيون كثيرون في تونـس [Tunisia] ملاذا بحكم القرب الجغرافي وعوامل أخرى.. الأسباب اڵـتي تدفع الليبيين للتوجه إڵـى تونـس [Tunisia] تختلف وتتنوع..



حركة سياحية نشطة:



تعتبر تونـس [Tunisia] من الوجهات السياحية المهمة عربيا ومتوسطيا، ورغم تعويل صناعة السياحة التونسية عڵـى الأسواق التقليدية في أروبا فإنها بدأت منذ سنوات تستميل السياح العرب وخاصة من الجـزائر [Algeria] وليبيا.. الأوضاع الأمنية في ليبيا [libya] منذ الثورة كانت عاملا دافعا لليبيين للبحث عن قضاء أيام وأسابيع من الاسترخاء في أماكن أكثر هدوء وأمنا.. في المناطق السياحية بجربة والحمامات وسوسة ونابل تؤثث السيارات بلوحاتها الليبية الشوارع وتتردد اللهجة الليبية عڵـى الألسن.. تخيّر العائلات الليبية ذات الدخل المرتفع الإقامة بالوحدات الفندقية المتوسطة والراقية، فيما يبحث آخرون عن فرص لإيجار مساكن أقل كلفة.. تتركز سياحة الليبيين في تونـس [Tunisia] بالمناطق الشاطئية وتندر بالمناطق الداخلية حيث السياحة الصحراوية والثقافية.. أحد مسؤولي مندوبية السياحة بولاية مدنين أجاب عن سؤال لليبيا المستقبل بشأن عدد السياح الليبيين الذين دخلوا تونـس [Tunisia] في السنة الأخيرة، فقال أن العدد يصعب تحديده بدقة نظرا لأن تونـس [Tunisia] لا تفرض التأشيرة عڵـى دخول الليبيين وبالتالي يصعب التفريق بين القادمين للسياحة والقادمين لأغراض أخرى، غير أنه أكد أن العدد مرتفع ويزداد ارتفاعا حسب الفصول والعطل والأوضاع الأمنية في ليبيا.



وجهة استشفائية فريدة:



تتمتع تونـس [Tunisia] ببنية تحتية استشفائية جيدة وبكادر طبي وتمريضي ماهر ومدرب.. هذه الخاصية جعلت تونـس [Tunisia] مقصدا للمرضى الباحثين عن العلاج من كافة المنطقة المغاربية.. بدأ اهتمام الليبيين بالمصحات التونسية منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي.. في الثورة خيّر أغلب الجرحى العلاج بالمصحات التونسية بسبب القرب الجغرافي.. اليوم يمكن للملاحظ أن يشاهد بيسر الأعداد الكبيرة من السيارات الليبية في مآوى المصحات الطبية بمدنين وجرجيس وجربة وقابس وصفاقس وتونس وسوسة.. مهارة الكادر الطبي التونسي ليست وحدها ما يدفع هؤلاء للانتقال إڵـى تونس. يقول (أحمد) أصيل مدينة الزاوية الذي يرافق والدته لإجراء عملية استئصال حصى من كليتها في إحدى المصحات بجزيرة جربة أن البنية التحتية في ليبيا [libya] متهالكة بما فيها المستشفيات، وأن أمام السلطة الليبية الجديدة مهمة مستعجلة وصعبة لبناء منظومة تعليمية واستشفائية تليق بالمواطن الليبي وتريحه من عناء الانتقال إڵـى دول أخرى وتكبد مصاريف باهظة.. تحرص العائلات الليبية عڵـى مرافقة مرضاها طيلة مدة علاجهم في تونس، لذا تنتعش عڵـى هامش الخدمات الطبية عملية تأجير المساكن المجاورة إضافة إڵـى حركة المتاجر والخدمات الموازية.



مستثمرون ورجال أعمال وصفقات تجارية:



رغم ضعف الاستثمار المغاربي والعربي في تونـس [Tunisia] قياسا إڵـى الاستثمار الأروبي والآسيوي، فإن أصحاب المال والأعمال والمستثمرين الليبيين بدؤوا يفرضون حضورهم في الساحة الاقتصادية التونسية.. الاستثمار الليبي في تونـس [Tunisia] ليس وليد ما بعد الثورة، فقد سبق لمؤسسات ورجال أعمال ليبيين أن اشتروا مؤسسات فندقية ضخمة في تونـس [Tunisia] منذ تسعينات القرن الماضي، غير أن الوضع غير المستقر في ليبيا [libya] الآن دفع بآخرين إڵـى نقل أموالهم إڵـى تونـس [Tunisia] لاستثمارها في السياحة أساسا وفي قطاعات أخرى.. قرب المطارات والموانئ التونسية من ليبيا [libya] كانت دافعا آخر لرجال الأعمال الليبيين للتعويل عليها في التوريد من الأسواق الأروبية والآسيوية.. بعض رجال الأعمال يخير إنزال بضائعه في موانئ رادس وصفاقس وجرجيس ثم يقوم بنقلها برا إڵـى ليبيا.. والبعض الآخر يخير التعامل مع المناطق الصناعية الضخمة في قابس وصفاقس لتوريد منتجاتها إڵـى ليبيا [libya] برا وبحرا وهي عملية لا تتطلب إلا ساعات قليلة بفضل قربها من ميناء الزاوية وطرابلس ومعبر رأس جدير وذهيبة وازن.



هاربون خوفا من الملاحقة:



هذا الصنف من أكثر الليبيين في تونـس [Tunisia] غموضا.. يقدر البعض أعدادهم بالمئات فيما يقدرهم آخرون بالآلاف.. أغلبهم من المسؤولين الأمنيين والعسكريين وحتى المدنيين في نظام القذافي، لكنهم ليسوا من قياديي الصف الأول أو الحلقة الضيقة.. دخل أغلبهم إڵـى تونـس [Tunisia] إثر سقوط طرابلـس [Tripoli] في أيدي الثوار.. يتحاشون الحديث أو الكشف عن هوياتهم الحقيقية ويقيم أغلبهم مع عائلاتهم.. (ح.ح) كان عسكريا في كتائب القذافي، أصيل مدينة زوارة ويقيم حاليا بمدينة جرجيس. حاولت ليبيا [libya] المستقبل الحديث إليه عن ظروف إقامته في تونـس [Tunisia] ولكنه امتنع.. (م.ق) كان مسؤولا باللجنة الشعبية العامة للعدل، أصيل مدينة طرابلـس [Tripoli] ومقيم حاليا بجربة. تحدث إلينا مشترطا عدم ذكر اسمه الكامل.. يقول (م.ق) أنه فر إڵـى تونـس [Tunisia] مع زوجته وأبنائه قبل أيام قليلة من سقوط القذافي. لم يكشف (م.ق) عن مصدر موارده المالية اڵـتي تسمح له بالعيش في مدينة سياحية مرتفعة الأسعار منذ ما يقارب السنتين.. يعيش أغلب الفارين حالة من القلق عڵـى مستقبلهم خوفا من قيام السلطات التونسية بتسليمهم إڵـى نظيرتها الليبية. فقد سبق أن سلمت عددا من المطلوبين في مناسبات سابقة وعلى رأسهم البغدادي المحمودي.



 



اللّيبيّون في تونس: سيّاح ومرضى وأصحاب أعمال وفارّون
المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق