عبد الحكيم بلحاج: اتهامي بالإرهاب تصدير للحرج الى الخارج


حمّل عبد الحكيم بلحاج مسئولية الخروقات الأمنية في ليبيا [libya] اڵـى ضعف الحكومة. و في حوار أجرته معه وكالة ليبيان للأنباء، أكّد رئيس المجلس العسكري بطرابلس سابقا والرئيس الحالي لحزب الوطن الليبي، عڵـى ضرورة ان تبادر الحكومة بوضع استراتيجية لاستيعاب المسلحين و السيطرة عڵـى السلاح. وعلى صعيد اخر، قال بلحاج ان قانون العزل السياسي، مطلب شعبي يجب ان لا تؤثر فيه المصلحة العامة عڵـى الشخصية. وفيما يخص علاقته بالإرهاب والاشراف عڵـى معسكرات تدريب جهاديين، قال مؤسس الجماعة الليبية المقاتلة خلال التسعينات، ان ذلك محض اشاعات وادّعاءات يسوّق لها الاعلام، مؤكّدا أن موقفه لا يختلف عن موقف الانسانية جمعاء و ان دعمه للقضية لا يخرج عن اطار القنوات الرسمية للدّولة.



ـ كيف كان تحوّل عبد الحكيم بلحاج من القائد والعسكري اڵـى رجل السياسة؟



كان مشروعنا بانتهاج نهج مقاوم لنظام القذافي، وكان هذا امتداد لنضال خضناه لعقود، أما وأن النظام قد انتهى وتوّجت ثورة 17 فبراير، فكان طبيعيا أن تتناغم هذه المسيرة مع أهداف الثورة المتمثلة في أن يجد الليبيون مكانا لهم يتفاعلون فيه في إطار بناء الدولة.



ـ ما هو تقييمك للوضع العام في ليبيا [libya] اليوم؟



لا شكّ أن ليبيا [libya] تمرّ بتحديات جمّة يأتي في مقدمتها التحدّي الأمني الذي يفاجئنا بين الحين والاخر، الأمر الذي يخرق هذا الاستقرار ويعكّر صفو استتباب الأمن الذي كنّا نشهده بعد دخول العاصمة واعلان تحرير ليبيا [libya] من سيطرة كتائب القذافي الأمنية. إلا أن لهذه الأحداث أسباب عدّة يأتي في مقدمتها حسب تصوّري، ضعف الحكومة وعدم تقدّمها ببرنامج وعدم وضع الية واضحة واستراتيجية من شأنها أن تستوعب هذا الكم من المسلّحين، وتطبّق النظام و تحافظ عڵـى هيبة البلاد. أنا أعزو كلّ هذه العوامل إڵـى ضعف الحكومتين الانتقالية والمؤقتة، اڵـتي لم تعط هذا الجانب الأهمية اڵـتي يكافئها. ثمّ تأتي تحديات التنمية بمختلف أقسامها، إلا أن التحدي الأمني هو القاعدة الذي يجب أن تبنى عليها الدولة. نامل ان يطال التحوير الوزاري الذي وعدت به الحكومة، هذه الوزارات ذات العلاقة بتحقيق الأمن.



ـ ما المطلوب من الحكومة و من وزارتي الدفاع و الداخلية عڵـى وجه التحديد للخروج من مأزق الخروقات الأمنية أو التصدّي للمليشيات المسلّحة خارج إطار الدولة؟



حتى أكون دقيقا في وصف المشهد، لا ينطبق لفظ المليشيات عڵـى كل الثوار، لأن أغلبهم قاموا بالتحرير. لكن ألقي باللوم عڵـى وزارتي الدفاع والداخلية المعنيتين بالسلاح والعتاد والمسلحين، لم نشهد أية برامج ولم نلحظ أي خطوة من شأنها أن تلغي هذتا الهامش أو تضيّقه، فالهامش مازال يتّسع محدثا فوضى أحيانا، و لم يتقلّص بتقدّم الحكومة ببرنامج للسيطرة عڵـى السلاح، بالية واضحة لاستيعاب هؤلاء الثوار ضمن الكادر الذي يجب أن يحمل هذا السلاح ضمن القانون. كلّ ما رأيناه محاولات تجميلية للشكل العام ومحاولة إعطاء الشرعية لهذه الكتائب، في وقت لا يجب فيه ذلك. في كثير من الأحيان تعطى لبعض الجهات الصلاحيات في الحماية والتأمين، وهي ولم تقم بهذا الدور للأسف، واللوم هنا يقع عڵـى مؤسسة أعتبرها جهازا موازيا لمؤسسات الدولة وهو اللجنة الأمنية العليا، مع احترامي لغالبية المنظمّين اليها لأنهم لم يجدوا غير هذا المجال لاستيعابهم. لقد استغلّ هذا الجهاز أشخاصا امتلكوا السّلاح، و اكتسبوا الشرعية، و يمارس البعض منهم أعمالا غير مسؤولة ومنضبطة. حتى انه يوجد ضمنها محكومون بأحكام ثقيلة أطلق القذافي سراحهم.  ويتحمّل رئيس المكتب التنفيذي في الحكومة الانتقالية مسئولية ذلك، نظرا لأنه أعطاهم الشرعية. لكن نأمل أن تضع الحكومة الية محددة تنتقي من خلالها الناس ذوي السلوك الحسن، وتؤطرهم لحمل السلاح والقيام بمهام الداخلية، من أجل ضمان جهاز أمن وشرطة بأقسامها المعروفة عڵـى شاكلة مثيلتها في دول العالم.



ـ هناك اجماع دولي عڵـى أن انتشار السلاح يمثل عقبة أمام بناء دولة المؤسسات في ليبيا، حسب رأيك ماهي الالية المثلى للسيطرة عڵـى السلاح وجمعه؟



الحكومة هي اڵـتي يجب أن تبادر، و هذا الأمر لا يحتاج اڵـى موعظة بقدر ما يحتاج اڵـى الية واضحة تنفذ من خلال القانون الذي يجب أن يحترمه الجميع، ليأتي بعد ذلك بعض التفاصيل كتقنين السلاح عڵـى مراحل. كنّا في المجلس العسكري طرابلـس [Tripoli] طالبا بعدم دخول الأسلحة الثقيلة اڵـى داخل المدينة، وتمّت الاستجابة. الان بالإمكان تصنيف السلاح إڵـى ثقيل ومتوسط وخفيف، وتفتح المعسكرات لجمع السلاح الثقيل وتحديد استخداماته، وسيكون عندها السلاح تحت يد الدولة بالكامل ومن يكلف بمهمة عليه أن يأخذ الإذن بذلك. كما اننا ننتظر الدستور ربما يتضمن إشارة إڵـى تقنين حمل السلاح الخفيف إسوة ببعض الدول. ولعلّها الوسيلة لجمع السلاح، لأن الالف المؤلفة من هذه القطع دخل البيوت الليبية.



- العزل السياسي مطلب شعبي لكنّه أصبح نكاية بين الخصوم السياسيين. ما هو موقفك من قانون العزل السياسي؟



علينا أن ننظر اڵـى هذا القانون عڵـى أنه مطلب شعبي، ثم عليما أن نقرّ بأنه صادر عن الجهة المكلّفة والتي تمثل كل الشعبي الليبي الذي انتخب المؤتمر الوطني بكل ديمقراطية. وعلى ما رأى الليبيون و تابعوا عڵـى الشاشات، فإن هذا القانون تم إقراره بكلّ هدوء. و لم يتم تغييب أحد ولم يتم فيه الضغط عڵـى أحد. وأنا أستغرب من رؤساء الكتل السياسية الاعتراض الان، اذ كان بالإمكان التنسيق بينهم وبين نوابهم في المؤتمر الوطني العام بالخصوص. أنا أدعو أن يكون هناك تجرّد من حدود النفس، وعدم التمسّك بالمصلحة الشخصية والحزبية الضيقة، وأن يكون هناك تعبير صادق عن الوطنية. العزل لا يعني النفي خارج البلاد، ولا سحب الجنسية، ولن يحرم أي ليبي من أن يقدم لبلاده. أستغرب وأستنكر بشدّة الدعوات اڵـتي يحركها بعض الذين تضرّروا من هذا القانون، بل إن الأمر وصل بهم اڵـى إثارة مسألة أن بعض الشهداء يطالهم العزل السياسي، ضاربين عڵـى وتر القبيلة والجهة. لا يعقل أن ندخل البلاد في ربكة، وحتى انه يتضارب مع ما ندعو اليه كزعامات سياسية من استقرار وتنمية. وهذا مخالف ليس فقط إڵـى برامج حزبية بقدر ما هو مخالف للانتماء لهذا الوطن. لقد رحّب الجميع بالعزل السياسيين لكن الملاحظة عڵـى هذا القانون أنه أصبح مناكفة بين الكتل، وأصبح الكل يفصّله ويوسّعه حتى يشمل غيره من الخصوم. نحن لا نريد أن نربك المشهد أكثر، وأن ندخل البلاد في صراعات استجابة لمطلب أو تحقيقا لمطالب خاصة. علينا أن نتبنى هذا المطلب كلّ من حيث موقعه، فليبيا فوق الجميع، وهي هدف نرنو لبنائه واستقراره.



ـ ماهي الخطوة التالية المطلوبة من المؤتمر الوطني العام حسب رأيك؟



المؤتمر الوطني العام لديه استحقاقات كبرى الان، نحن ننتظر الدستور الذي من شأنه ان يوضح هوية البلاد ورسم معالمه ، ويعرّف الليبي بحقوقه وواجباته. وأرجو ان لا يلتفت المؤتمر الوطني اڵـى قضايا جانبية تستنزف جهدا، وتأخذ وقتا وتعطّل تحقيق مطلب الدستور. وربّما تدخله في تقاطعات مع أعمال والتزامات الحكومة.



ـ ماهي كواليس القضية اڵـتي رفعتها ضدّ الحكومة البريطانية؟



كل ما طالبت به هو اعتذار الحكومة البريطانية واعترافها بتسليمي للقذافي. اذ لا يعقل ان يتم تسليمي ومساعدة شخص مدان عندهم في عدالتهم، ويجمعون عڵـى أنه لا يمتّ للإنسانية بصلة، بغضّ النظر عن الأديان والثقافات. القضية لازالت الان في أروقة المحاكم وننتظر فصل العدالة فيه، و لديّ الوثائق والحقائق اڵـتي تثبت تورط الحكومة البريطانية في ذلك.



ـ ما قصّة عبد الحكيم بلحاج مع الصحافة الجزائرية؟



هناك من يريد تصدير الحرج الذي يطاله إڵـى خارج الحدود حتّى يخفي عجزه أو تقصيره، وقد قلت هذا للمسئولين الجزائريين. نحن في غنى عن أن تصدر منّا أيه تصرفات من شأنها توتير المنطقة والاقليم. كما أنه في الجـزائر [Algeria] من المشاكل ما سبق ثورة 17 فبراير بعقد من الزمن ولم تقتصر العمليات عڵـى الصحراء فحسب و انما طالت حتى عاصمة الجزائر، ولا أقول هذا شماتة أو اقرارا. نحن نأمل في الاستقرار في دول المنطقة، حيث يكون المواطنون أحرارا ويشاركوا في بناء مؤسساتهم ودولهم، وهذا مطلبنا. لقد تم الزجّ في قضية رهائن عين أميناس بالصحراء الجزائرية، فإذا كانت لدي النية لاختطاف رهائن، هناك ما يكفي من البعثات الدبلوماسية في طرابلس، عوض التوجه اڵـى الجزائر. لقد قمت بتأمين البعثات الدبلوماسية عبر المجلس العسكري طرابلسن ولم يتعرّض أي أجنبي حينها اڵـى أي أذى. وهذه مغالطات يسوّق لها الاعلام، يجب أن يهتم الاعلام الرصين بالصّدق قبل السبق، ويجب ان يدعن الاستقرار في المنطقة بالانتماء لا بالادعاء.



ـ ما هو ردّك عڵـى ضلوعك في تدريب جهاديين في ليبيا [libya] لإرسالهم اڵـى سوريا؟



هذا الكلام عار عن الصحة، موقفي ممّا يجري في سـوريا [Syria] كموقف كلّ الليبيين والانسانية جمعاء. نحن نتضامن مع ما يحدث في سوريا، هو عبارة عن نسخة ثانية لما عانيناه من القذافي. وأمّا حجم الدّعم، يذهب عن طريق القنوات الرسمية للدولة، وليس هناك معسكرات، أما بالنسبة لبعض الأشخاص، هم يذهبون بإرادة شخصية وليس بإيعاز من أحد. واذا ذكر غير ذلك فهو افتراء واشاعات.



ـ ما الهدف حسب رأيك وراء الربط بين عبد الحكيم بلحاج وحزب النهضة في تونـس [Tunisia] في قضية معسكرات التدريب؟



كان الأمر بدافع الخصومة السياسية، وهو وارد أن يلعب الخصوم عڵـى وتر أن الإسلاميين وصلوا اڵـى الحكم، فيجب أن يعملوا عڵـى كل ما من شأنه تشويه الصورة أو القدح في أذهان الناس أن هؤلاء الذين وصلوا للحكم مثل حزب النهضة، يتركون الاهتمام بقضايا المواطن العادية اڵـى قضايا اخرى خارجية، وهذا غير صحيح. كلّ هذه الاشاعات لديها من يعمل عليها ويؤجّج نار الفتنة من أجل تحقيق مصلحة سياسية.


ـ اخترت شعار حزب الوطن وسطية ـ  حرية ـ  عدالة و تنمية، ألا يعتبر ذلك مثاليا نوعا ما؟



هذا يعبّر عمّا نريده لبلادنا، وان لاحظنا بأنها تمرّ ببعض الاشكالات البسيطة، ولكنّا متأكدون أن لدينا من الطاقات والإرادة الجازمة عڵـى تغيير ليبيا [libya] للأحسن لننعم بالحريّة، ولنجسّد انتماءنا لثقافتنا وحضارتنا و أن ننجح في تنمية مناطق بلادنا كافّة.



ـ ماذا يختار عبد الحكيم بلحاج، لو وضع بين وزارتي الدفاع أو الداخلية؟



أجد نفسي مواطنا ليبيا [libya] أواصل الليل بالنهار من أجل العمل لتحقيق الأمن والأمان، دون أن انظر لمنصب أو كرسي. المنصب ربّما يكبّل الانسان عن القيام باستحقاقاته. أجد نفسي في هذه المرحلة، أفضل من ان يكبّل الانسان بمنصب معيّن.



ـ هل هذا اعتراف ضمني بأن الوزارات الحالية مكبّلة؟



نعم في جزء منه، هو تكبيل لا شكّ في ذلك، لكن بإمكان الناس أن تتواصل وأن يخرج المسؤولون خارج المكاتب، خاصّة في وقت نجد فيه أعدادا غفيرة من المسلّحين ومناطق وبؤر متوترة تكبّل الانسان.



المصدر: ليبيان



kh



عبد الحكيم بلحاج: اتهامي بالإرهاب تصدير للحرج الى الخارج