بشير السني المنتصر: ظاهرة الاجرام



ظاهرة الأجرام في ليبيا [libya] إزدات بشكل كبيربعد ثورة 17 فبراير ظاهرة الأجرام فما هي الاسباب يا ترى؟ لاشك إن هذا يحتاج إڵـى دراسة ميدانية والجامعات مطلوب منها أن توفر للحكومة والرأي العام الدراسات الخاصة بالأسباب الحقيققية لأستمرار ظاهرة الأجرام وسبل معالجتها ، ومن  واجب الحكومة متابعة هذه الدراسات والأستفادة منها وتنفيذ مقترحاتها إذا كان ذلك ممكنا. إننا نسمع أخبارا مزعجة عن قتل المواطنين أمام بيوتهم وفي الشارع وفي سياراتهم، او دخول متجرأو مصنع او مزرعة  والاستيلاء عليها ياستعمال السلاح، بل حتى دخول دوائر الحكومة والوزارات وفرض طلباتهم، وكذلك التعرض للمسافرين في الطرق العامة وسلب ما ليهم وقتلهم. وعمليىة أخذ الثار بأيدي المواطنين أنفسهم  تذكرنا بما كان يحدث قديما، وما يحدث في صعيد مصر. وكذلك تكفير المواطنين  بغير وجه حق وإدعاء فئة  يدعون انفسهم بالأخوان  بانهم خلفاء الله في الارض ويطلبون من المواطنين الطاعة  ودروشتهم بتعاليم أبعد ما تكون عن الاسلام. وقد رأينا تجربتهم في مصر وثورة الشعب ضدهم وقيام الجيش أبناء الشعب بأبعادهم عن السلطة نيابة عن  للمواطنين. واليوم جمعوا دراويشهم  في مظاهرات دموية  ويدفعونهم إڵـى التهلكة في التعرض لأفراد الجيش والشرطة، ويدعون اليوم أن الشرطة تطلق عليهم الرصاص وهم البادئون بالتعرض للشرطة والاعتداء عليها. وكل عاقل يعرف إن الشرطة وهم من أفراد الشعب وأخوة وأباء للمتظاهرين لا تتعرض للمواطنين إلا إذا أعتدي عليهم دفاعا عن النفس  أوقام المتظاهرون بتعريض سلامة المواطنين وألمتاجر والدوائر الحكومية والشوارع الرئيسبة  وعرقلة المروروهذا واجبهم الاساسي.  وهذا يحدث في جميع أنحاء العالم فكل المظاهرات تضم عادة مجرمين يستغلون الفرصة لتعريض أمن البلاد للخطر، ومن واجب الشرطة حماية للأمن منعهم وإذا أعتدي عليهم فلهم طرقهم للرد بالعصي وبالقنابل المسيلة للدموع  وبأستعمال الرصاص المطاطي لكن أذا إعتدى المتظاهرون عڵـى الشرطة  وأستعملوا السلاح الحي فالشرطة لها الحق في الرد ولو باستعمال الرصاص الحي.هذا يحدت في كل الدول الديمقراطية وحتى في بريطانيا فالشرطة لها حق الدفاع عن النفس وهي محصنة ضد الاعتداء  ومن يرفع سلاحا في وجه الشرطة فمصيره القتل بدون إنذار .



بلادنا أيام زمان



أذكر أنه  خلال الأستعمار الايطالي والاحتلال البريطاني  كان بيتنا الكبير في وسط مدينة مصراتة  وأمام سوق الشعيرالمعروف  في وسط المدينة (إماطين )وسوق الخضروات والسمك وكان الالاف من المواطنين والمزارعين يزورون السوق في أيام السوق يمرون  ويقفون احيانا بحيواناتهم  وعرباتهم لتفريغ حمولتها امام االبيت، ولا اذكرأي أعتداء حدث من شخص عڵـى اخر. وكانت البلاد  تتمتع باستقرار وأمن غبر متوفر في البلاد الأخرى ولا اذكر أن احدا دخل بيتنا بدون سبب او قصد أو من طرف شخص لا نعرفه وبيتنا  دائما مفتوح عڵـى مصراعيه نهارا وليلا.  ورغم ان باب البيت كان أشبه وأقوى من باب قلعة حربية الا أني لا أذكر أننا أغلقناه ليلا. كنا ننام والباب غير مقفل وعلى مصراعيه ولا أذكر أن سارقا أو مارا عاديا دخل بيتنا او أحد أعتدى عڵـى من في البيت. وأعتقد إن هذا كان الحال مع جميع جيراننا  وهذا الامان كان عقيدة بين المواطنين  فالجريمة غير معروفة ولو حصلت فهي إستتناء. وحتى في السنوات الاخيرة في العهد الملكي لم أعرف حادت إعتداء او سرقة من بيتنا اومن بيوت جيراننا. وكان بيتي في طرابلـس [Tripoli] وانا عازب لا حارس له رغم أني كنت معظم الوقت غائبا في البيضاء. وأذكر يوم إنقلاب ستمبر المشئوم إن ثلات سيارات لندروفر مملوءة بجنود الجيش بقيادة ضابط  وكانوا ممسلحين بمدافع رشاشة جاءت اڵـى بيتي وحاصروه من كل جانب وطلب مني الضابط بعد ذلك مرافقته حيث تم إعتقالي في تكنات العزيزية مع غيري من مسئولي العهد الملكي،  وقد تعجب الجنود من عدم وجود حراس أو حتى خادم في البيت أوغفير وكانوا يتوقعون مقاومة. وكنا كمسئولين قي الحكومة نسوق سياراتنا بأنفسنا  ونمشي في الشوارع مع الناس العاديين  ولا نخاف إعتداء من مجرم أو معارض للحكومة رغم حملة المعارضة والأنتقادات لنا في الصحافة وبين الجماهير. هكذا كانت بلادنا تعيش يسودها الامن وإحترام حريات المواطنين في حياتهم العادية، ولا أعرف ماذا غيرنا وأفسد علاقات المواطنة اڵـتي كانت سائدة  حتى وصلنا إڵـى مرحلة الأغتيالات السياسية اڵـتي جاءتنا من أفغانستان وأمل أن لا نصل ألى درجة  إقدام الأرهابيين تفجيراأنفسهم بين المواطنين .ورغم إني لا اعرف كثيرا عن تصرف الشرطة  خلال  فترة حكم الطاغة  لوجودي في الخارج لكني لم أسمع عن حوادث أجرام وسرقة وإغتيالات  سوى حالات فردية يقوم بها أفراد  معظمهم من العمالة الأجنبية. فماذا حصل بعد ثورة 17 فبراير. أفهم بعض الأحداث أيام الثورة ولكني لا أفهم الاجرام والاعتداء عڵـى الأمنين بعد نجاح الثورة وإعلان التحرير، فبدلا من أن نكون أكثر أمانا  لشعور الجميع بالمسئولية اڵـتي وقعت عڵـى الشعب بعد غياب السلطة والشرطة اصبحت الجريمة جزءا من حياتنا اليومية.



أسباب إنتشار الجريمة



الأسباب واضحة وهي  عدم الشعور بالمسئولية لدى فريق كبير من المواطنين  وأنحطاط  أخلاقي فظيع بين الأجيال الجديدة الذين لم يقرأو تاريخ  بلادهم وأجدادهم وأباؤهم وكيف كانوا يحترمون بعضهم البعض وكيف تسود روح التعاون بينهم. ونرى اليوم من أخذ بيتا أو مزرعة اوغنيمة نهبها اثناء الثورة احتفظ بها بحجة انه أخذها ببندقيته وهي نفس الحجة اڵـتي كان يرددها الطاغية وزمرته بأنهم اخذوا البلاد من الملك وحكومته ببنادقهم ولهذا عملوا ما شاءوا خلال اربعين عاما. وعمليات القتل تتم الأن يوميا بدعوى ان المقتول من قوات الطاغية او انصار الطاغية أولاخذ الثار لقريب أو صديق أو أنه ينتمي ألى قبيلة معينة أو حزب معين أو يهاجم حزبا معينا، ووجود تنظيمات وأحزاب ذات أجندات مستوردة تستعمل الارهاب والاغتيال. وقيام جماعات بأستخدام الأسلام  كسلاح سياسي للوصول الحكم  وتكفير من لا ينضم إليهم أو يؤمن بترهات نبشوا عليها من قبور الكتب القديمة. الذي أعرفه إن الليبيين من أكثر المسلمين  في الحرص عڵـى إتباع تعاليم الأسلام وأداء فرائضه  وقد تربينا عڵـى هذا منذ طفولتنا حفظنا القران  وقرأنا النحو والفقه وعمرنا لم يتجاوزال 12 عاما. اذكر أني كنت في هذا العمر أصلي الفجر حاضرا  في المسجد الصغير الملاصق لبيتنا الذي بناه جدي رحمه الله ودفن فيه، وكنت أحيانا أقوم بالأذان اڵـى درجة أن والدتي حاولت أن تمنعني حفاظا عڵـى صحتي من برد الشتاء وكانت تنصحني بالصلاة في البيت. ولا شك اإن ذلك هو سلوك صغار الليبيين جميعا. وشعب تربي هذه التربية الاسلامية ليس في حاجة اڵـى هؤلاء طوال اللحي لتعليمه أو إرشاده في مجال تعاليم الاسلام السمحة أو إتباع هديانهم في اقامة الخلافة وتنفيذ الشريعة الاسلامية السمحاء حسب تفسيراتهم الرجعية. 



الحاجة إڵـى حملة توعية



لا يفهم مقترفوا هذه الجرائم اڵـتي تنتشر اليوم في بلادنا  أن ذلك لم يعد مسموحا بعد التحرير أن يأخذوا حقهم بأيديهم بل هذا من حق الشرطة والقضاء، ومن حق المواطنين رفع دعوى عڵـى من يشاءون. كما أن باقي الجرائم تأتي من شعور البعض إن  بيوتهم ومزارعهم وأموالهم  أخذت منهم  في عهد الطاغية ومن حقهم إسترجاعها وهذا من حق القضاء والمطالبة بها شرعيا . ووجود السلاح في متناول كل فرد يسهل له إستخدامه لتحقيق طلباته ورغباته. إإن هذا الاعتقاد الأناني تحول ألى ثقافة بين أفراد الشعب وأصبح من المتعذر فرض النظام والقانون. ومن واجب المواطنين في هذه الفترة التعاون مع الحكومة والشرطة في فرض القانون في مناطقهم وشوارعهم  والقبض على  وتسليم من يقوم بأي إعتداء أو سرقة اڵـى الشرطة.  وتجريم  الحماية للمجرم  لانه ينتمي إڵـى قبيلة معينة أو جماعة لها نفوذ سياسي. وتحتاج البلاد اڵـى حملة توعية بدور الحكومة والشرطة والقضاء وواجب المواطنين في إحترام السلطة وأفهام هذا الشباب الطائش إن ما يأخدونه بالقوة وبغير حق سوف يجبرون عڵـى إرجاعه بأسم القانون وأن من يعتددي عڵـى مواطن بالقتل أو التعديب أو الخطف مهما كان إنتماؤه سوف يتعرض للوقوف أمام القضاءوأن جرائمه هذه لا تسقط بمضي المدة  وقد يقضي بقية حياته وراء القضبان.



دور الحكومات والمجالس التشريعية المؤقتة



اكثر من سنتين ونصف ونحن نسمع رؤساء الحكومات والوزراء يؤكدون إنهم يبنون جيشا قويا وشرطة فعالة  وبعد ذلك سمعنا أن الحكومة إتفقت مع مليشيات ما يسمون انفسهم بالثوار لحفظ الامن أي حاميها حراميها ، وفرض الامن وحماية المواطنين أعطي لمقترفي جرائم القتل والنهب والسرقة وبالاضافة إڵـى ذلك أغدقت الحكومة عليهم المرتبات والهبات والمزايا دون ان يدخلوا في جهاز الدولة وأرسلتهم  في رحلات ترفيهية في الخارج للتدريب لدخول الجيش والشرطة وحال أتمام تدريبهم يرجعون للأنضمام إڵـى ملشياتهم.. واليوم نسمع عڵـى لسان رئيس الوزراء أن الحكومة لا سلطة لها وليس لها حتى شرطة مخابرات وليس لها جيش أو شرطة يمكنها فرض النظام والآمن  ويطلب الأن بعد مضي سنتين ونصف عڵـى الثورة  من الشعب التحرك للقضاء عڵـى هؤلاء المجرمين الثوار.  إن نشرالامن وفرض سلطة الدولة عڵـى كل مواطن أوشبر من الوطن هوالواجب الاول لكل حكومة وله الاولوية عڵـى توفير الماء والكهرباء والسكن والغذاء لانه لا يمكن توفيرها إلا بأستتاب الأمن. تحريم  حمل السلاح عڵـى غير ممثلي السلطة أمر لا يتحقق أمن بدونه حتى ولو كان الشعب من الملائكة  ومن يقول غير هذا فهو إما خائف أو مغالط. ومن الغريب أن نسمع  وزيرا يقول إذا إستمرت الاغتيالات فسوف يستقيل وهذا يجهل او لا يعرف ان واجبه هو وقف هذه الجرائم والأغتيالات وإنه مفوض من الشعب للقيام بهذا العمل. إن قبول المنصب السياسي هو كالمتطوع في الجندية يعرف انه معرض للخطروللموت إذا إستدعى الامر، وإذا لم يكن مستعدا لذلك  فعليه عدم قبول المنصب السياسي  فالعمل السياسي ليس إمتيازا بل هو تضحية بالمال والنفيس.ويجب عڵـى الحكومة رئيسا ووزراء أن يعرفوا إن قتل أي مواطن وتعرضه للأذى  هي مسوليتهم جميعا سواء كان رئيس الوزراء أو وزير الداخلية أو وزيرعدل أو وزير خارجية  ويجب محاسبتهم امام البرلمان وحتى امام القضاء.



بشير السني المنتصر