مراقبون: استقرار الجزائر سيمكن تونس من مكافحة الإرهاب في ليبيا


صحيفة القدس العربي: تبدو تونس المشغولة بمكافحة الإرهاب والفوضى القادمة من جارتها ليبيا أكثر ارتياحا لنتائج الانتخابات الرئاسية في الجزائر، في وقت يؤكد فيه المراقبون أن استمرار بوتفليقة ونظامه في الحكم سيمكّن الدولة التونسية من التركيز على حدودها الجنوبية الشرقية في ظل تواصل التعاون الأمني مع الجارة الغربية. وإذا كان السياسيون الجزائريون يختلفون اليوم حول صحة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وأهليته للحكم، فإن نظراءهم في تونس يصبون جل اهتمامهم حول تأمين الحدود التي تمتد لحوالى ألف كيلومتر مع الجزائر. ويرى الباحث التونسي رياض الصيداوي أن نتائج الانتخابات الجزائرية تؤكد أن الجزائر تريد الاستقرار ‘حتى لو كان برئيس دولة مريض وبكرسي متحرك، لأن هناك خوف من البديل الذي قد يقود لإعادة سيناريو العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي’.



ويضيف لـ’القدس العربي’: ‘الخوف من التغيير الجذري الراديكالي، دعا الأطراف السياسية المتصارعة (هيئة الأركان والمخابرات والجيش ومؤسسة الرئاسة وبعض رجال الأعمال) داخل النظام السياسي للجزائري للتشبث بالموجود وتأجيل صراعاتها لفترة أخرى يُعاد فيها توزيع أوراق السلطة داخل النظام’. وكان وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز أعلن الجمعة فوز بوتفليقة بالانتخابات الرئاسية بأكثر من 81 بالمئة من الأصوات، وفور الإعلان سارعت الطبقة السياسية في تونس (رئيس الجمهورية والحكومة وقادة الأحزاب الكبرى) إلى تهنئة بوتفليقة، متمنية استمرار العلاقة الاستراتيجية الطويلة بين البلدين.



ويقول الصيداوي (مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف) ‘تونس تعيش اليوم قلقا مستمرا حول عدة قضايا، فثمة إرهابا في منطقة الشعانبي (القريبة من الحدود مع الجزائر)، مع استمرار خطف الدبلوماسيين التونسيين في ليبيا والخوف من انهيار الموسم السياحي بسبب العمليات الإرهابية، ولذلك ترغب الدولة التونسية برؤية الجزائر بلدا مستقرا، كي تطمئن على حدودها الغربية وتتفرغ لمواجهة حالة الاضطراب والفوضى العارمة الموجودة في ليبيا’. ويؤكد أن الموقع الجغرافي لتونس (كبلد صغير المساحة بين دولتين كبيرتين) لا يمكّنها من مواجهة جبهتين مشتعلتين في آن واحد، مشيرا إلى أن التونسيين عموما يهتمون بالدرجة الاولى باستقرار جارتهم الغربية بغض النظر عن الجهة التي تحكمها.



وكان رئيسا حزبي النهضة ونداء تونس راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي من أول السياسيين الذين هنأوا بوتفليقة بنجاحه في الانتخابات الرئاسية، حيث أكد السبسي أن الشعب الجزائري ‘سلك نهجا ديمقراطيا’ بعد إعادة انتخابه لبوتفليقة. ويقول الناطق باسم نداء تونس لزهر العكرمي ‘الجزائر دولة شقيقة وعمق استراتيجي لتونس وانتخاباتها ونتائجها وحركتها السياسية شأن داخلي لا نستطيع التدخل فيه، ولكننا نثمن الاستقرار الذي تعيشه الجزائر بعد مذابح دامت لأكثر من عقد’.



ويضيف ‘نحن نعتبر الجزائر شريكا في مستقبل المنطقة، وهي دولة ذات خبرة كبير في مواجهة الإرهاب وقد خرجت من عنق الزجاجة بمجهود ذاتي داخلي، واستقرارها سينعكس بشكل إيجابي على الوضع الأمني في تونس′. وكان بوتفليقة استقبل الغنوشي والسبسي في كانون الأول/ديسمبر الماضي في محاولة لتجاوز الخلاف الذي اندلع بين الحكومة والمعارضة إثر اغتيال البراهمي، حيث أكد بعض المراقبين أن جهود التوافق التي قام بها بوتفليقة جنبت تونس من عدة سيناريوهات كارثية. ويقول نور الدين العرباوي (نائب رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة) ‘العلاقة بين تونس والجزائر محورية للمغرب العربي ككل، ومجهودنا الحالي يصب في تجنب مخاطر الأوضاع في ليبيا والمساعدة في تأسيس عملية سياسية فيها تنضوي على تصالح وطني بين جميع الفرقاء المتصارعين، ونحن نرى أن الجزائر تسير على الطريق الصحيح نحو بناء دولة قوية ومستقرة وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة تونس′.



وتقيم تونس علاقة استراتيجية متميزة مع الجزائر، فضلا عن التعاون الأمني المتواصل بين الدولتين وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب الذي تنامى بعد سقوط عدد من الأنظمة السياسية بالمنطقة في ظل ‘الربيع العربي’. ويؤكد الصيداوي أن ‘النخب السياسية والشارع في تونس يهتمون باستقرار الجزائر لأنه سيؤثر على التجربة الديمقراطية في بلادهم’، مشيرا إلى أن نجاح علي بن فليس أو غيره في الانتخابات لن يؤثر على التعاون الأمني بين البلدين، على اعتبار أن المؤسسة العسكرية والأمنية التي تكافح الإرهاب لا ترتبط بالمؤسسة السياسية.



ويرى أن تدهور الحالة الصحية لبوتفليقة أو وفاته المفاجئة لن يؤثرا على الوضع الأمني في الجزائر، مشيرا إلى أن اللاعبين الأساسيين في النظام السياسي يعدون الآن لمنصب نائب رئيس ‘سيتم منحه لأحد الأوفياء لبوتفليقة لاستلام الحكم في حال وفاته’. يذكر أن رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة أشاد قبل أيام بالتجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، مؤكدا أهمية تواصل التعاون والتنسيق بين البلدين للقضاء على هذه الظاهرة، وخاصة في منطقة الشعانبي التي تشهد نشاطا مكثفا للجيش التونسي ونظيره الجزائري.



 



 



 



 



 





إضغط هنا لمراجعة التعليمات الخاصة بتعليقات القراء



مراقبون: استقرار الجزائر سيمكن تونس من مكافحة الإرهاب في ليبيا
المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق