بشير السني المنتصر: الوضع المأساوي الليبي


أنا كغيري من الناس غير راض عن اعمال المؤتمر الوطني وانقسامه وعدم حضور اغلبية اعضائه للجلسات الهامة التي تقرر مصير البلاد وقراراته المتناقضة وعدم تركيزه على حاجات البلاد المستعجلة كاحياء وتنظيم وتقوية الجيش وقوات الامن ولا اقول تاسيس جيش جديد أوقوات امن جديدة فالبلاد قبل الثوربة فيها جيش وقوات امن من ابناء الشعب ومن انصار ثورة 17 فبراير باياديهم والسنتهم وقلوبهم كبقية جميع الشعب الليبي باستتناء فئات كتائب الطاغية وابناؤه وازلامه التي كان يحكمون بها الجيش كما يحكمون البلاد والشعب وهم معروفون لتسهيل تصفيتهم.ولكن هناك حقائق هامة يجب ملاحظتها وهي ان المؤتمر الوطني هيئة منتخبة عن طريق انتخابات اعترف بها القاصي والداني داخليا وخارجيا وكانت هذه خطوة ديمقراطية هامة في تاريخ ثوربة 17فبراير رغم عدم رضا نا عن من افرزته هذه الانتخابات. وهذا يرجع الى عدم تنظيمها والاستعداد لها مقدما بانشاء هيئات الشعب المدنية والاحزاب القائمة على سياسات وبرامج معينة تمكن الشعب من اختيارنوابها بدلا من اختيار افراد لا تربطهم بالوطن رابطة غير مصالحهم الشخصية والقبلية.وعدم الاعتراف بالمؤتمر الوطني والانقلاب عليه ورفضه بالشكل الذي يجري الان عمل غير ديمقراطي وقد يصبح سابقة مع المجالس المنتخبة مستقبلا مما يهدد النظام الديمقراطي الذي ارتضيناه. فالمجلس الانتقالي الذي ارتضيناه فوض المؤتمر الوطني المنتخب ليحل محله وليكون السلطة العليا والتشريعة بما في ذلك حق تعديل الدستور. ولهذا فان قرارات المؤتمر الوطني ما لم تلغيها المحكمة العليا ملزمة حتى ولو كانت تخالف اراءنا وحاجاتنا. كما ان قرارات المؤتمر الوطني بعزل السيد علي زيدان وتعيين معيتيق قرارات صحيحة لان اغلبية القرارات تمت باغلبية الاعضاء الحاضرين واشتراط 120عضوا قرار غير دستوري ولم يشترط الدستورالمؤقت هذا النصاب لعزل رئيس الوزراء وتعيين بديل له. وقرار المجلس الوطني باشتراط هذا النصاب لا يعلو فوق نص الدستور وقد اوضح ذلك الدكتور جمعة عتيقة النائب الاول السابق لرئيس المؤتمر في أحد تعليقاته، وكان على المؤتمرالوطتي ان يعدل الدستور المؤقت لاشتراط 120 عضوا. الكل يسلم بان المؤتمر اساء في قراراته ولكن بدلا من الطعن في هذه القرارات امام المحكمة العليا من طرف من يشك في هذه القرارات. ودورالشعب تاييد احكام المحكمة العليا بالقيام لفرضها على المؤتمر لتطبيقها بالاحتجاجات والمظاهرات والحملات الاعلامية بدلا من الانقياد لدعوات غير مسئولة تدعي تمثيل الشعب والقيام بالظاهرات لتاييدها وقد انتهت هذه الدعوات كما نعرف بانقلاب على الثورة من طرف بعض ضباط الجيش اي العودة الى الحكم العسكري الدكتاتوري. وهؤلاء الصباط كان في امكانهم التمسك بالشرعية وفرض الاصلاح وتوحيد الجيش على السلطات الشرعية المؤتمر الوطني والحكومة بدلا من عدم الاعتراف بها وحلها.



اللوم كله على الشعب فلقد كان مفروضا ان يسعى الجميع بعد التحرير الى تقوية المجتمع المدني وانشاء الاحزاب والهيئات المدنية كما تم في فترة الاعداد للاستقلال سنة 1951 في الوقت الذي لم يكن لدى تلك الهيئات المدنية والاحزاب مصادر مالية. وكان الاعيان والمشايخ والمستشارون ورجال الادارات الحكومية يتفاعلون مع جماهير الشعب والفوا الاحزاب والنوادي وتكلموا بصوت واحد واصروا على المطالبة بالاستقلال واجبروا الامم المتحدة على الاعتراف بالاستقلال. ورغم اختلافهم على شكل نظام الحكم الا انهم اتفقوا لارضاء الجميع على حل مؤقت للخروج من الازمة. وهكذا قامت الدولة الليبية دون صراع بين الاقاليم والقبائل ولم نسمع ما يحدث الان من فوضى وعدم انضباط ونشاط النعرات القبلية والاقليمية. الخطأ الذي حدث في ثورة 17 فبراير هو صمت الشعب وترك الامور في ايادي غير خبيرة في المجلس الانتقالي ثم الثقة والاعتماد على الثوار في حفظ الامن بعد حل الجيش وقوات الامن وترك البلاد في ايادي غير مسئولة والنتيجة كانت الفوضى التي نعيشها. وكان من اوليات الشعب تولي الامور حال تحرير البلاد وانشاء الهيئات المدنية والاحزاب التي تضم الساسة من كل انحاء الوطن لتدارس الاوضاع ومراقبة نشاط المجلس الانتقالي وفرض ارادة الشعب. وكان على الهيئات المدنية المساعدة لجمع السلاح والتعامل مع المجلس الانتقالي والمؤتمر الوطني بالحوار والضغط الشعبي لتصحيح مسارهما الخاطئ. ولكن تهاون الشعب ترك الحبل على الغارب وقام مليشيات الثوار ومن تبعهم بتقمص دور الشعب ولهذا اضطرت كل سلطات الدولة المؤتمر والحكومة الى اللجوء الى المليشيات لحمايتها بدلا من تقوية الجيش والشرطة. والحل اليوم ليس بالغاء المؤتمر الوطني بالقول والهتاف كما انه كان على ضباط الجيش الاتحاد وتولي مهامهم الرسمية في البلاد والتركيز على انهاء نشاط المليشيات وجمع السلاح بدلا من القيام بالانقلاب على الشرعية واعادة الحكم الدكتاتوري.الوضع اليوم لايقتضي الانقلاب على السلطة الشرعية القائمة بل التركيز على الانتخابات القادمة لمجلس النواب التي اقرها المؤتمر، والاصرار على اجرائها في الشهر القادم لتنتهي بذلك فترة حكم المؤتمر الوطني دستوريا. وليقوم مجلس النواب الجديد حال انتخابه بتعيين رئيس مؤقت للبلاد وحكومة مؤقتة واجراء انتخابات رئاسية في فترة لا تزيد عن ثلاتة اشهر، وكذلك اعتماد الدستور الذي تعدة هيئة اعداد الدستور المنتخبة وتقديمه للشعب للموافقة عليه واجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب والرئيس وفقا للدستور المعلن.



إن انتخاب مجلس للنواب يصحح اعمال المؤتمر الوطني الحالي يحتاح الى نشاط شعبي كبير رغم قصر المدة لانشاء هيئات مدنية وتقوية الاحزاب القائمة وانشاء احزاب جديدة واصدارقانون للاحزاب لتقوم بدورها في توعية الشعب وتزكية وتاييد من بين المرشحين في دوائرهم يستحقون النيابة عن الشعب، وعدم ترك الحبل على الغارب لمرشحين غير مؤهلين يستغلون اموالهم وعلاقاتهم الاسرية والقبائلية والاقليمية للحصول على الاصوات تمكنهم من انتخابهم لمجلسس النواب القادم لا قدر الله. هؤلاءالانتهازيون لا يمكن لومهم اذا تركناهم احرارا في استغلال سداجة جماهير الشعب وطيبتها وعدم توعيتها لخدمة مصالحهم الشخصية. والحل يتوقف على الشعب ليس بالتظاهر فقط بل بالتجمع في هيئات مدنية واحزاب تقدم سياسات وبرامج مدروسة لخدمة البلاد في كل الميادين السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية، والقيام بحملات اعلامية لنشرها وشرحها حتى يتم اختيارممثلي الشعب على اساسها وليس لان النائب قريب او ينتمي لقبيلة معيتة او منطقة معينة. الديمقراطية لا تقوم على علاقات اسرية وقبيلة وإقليمية وانما تقوم على سياسات وبرامج وطنية تعم فوائدها كل اجزاء الوطن وجميع افراد الشعب.



بشير السني المنتصر



 





بشير السني المنتصر: الوضع المأساوي الليبي
Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url

تكنولوجيــــا

قد يعجبك أيضا